الجمعة، 28 سبتمبر 2012

المختصر المفيد في شرح اختيار البطريرك الجديد (الجزء الثاني)



في الجزء الأول عرفنا بعض من خصائص الكنيسة الأرثوذوكسية الهامة وهي انها كنيسة تقليدية وكنيسة مجمعية وليست بابوية وعرفنا انه لا يجوز ترشيح الأساقفة للبطريركية واخدنا فكرة عن كيف يتم اختيار البطريرك..

احب ابدأ هذا الجزء بتوضيح مراحل اختيار البطريرك

في البداية وفقاً للائحة الحالية (لائحة 1957) فأن مراحل اختيار البطريرك هي:
1) وتنص اللائحة الحالية على ضرورة أن يكون المرشح راهبًا أو أسقفًا عامًا (طبعاً كلمة "اسقفاً" تعني تجاوز صريح لقوانين الرسل والمجامع الموجودة في الجزء الأول من التدوينة) تجاوز الأربعين من العمر، و15 عامًا في الرهبنة، ويجوز أن يرشح نفسه أو يرشحه آخرون بشرط ألا يكون مطرانًا لإيبراشية (وطبعاً هذا تمت مخالفته بوجود مطران في القائمة النهائية للترشيح وهو الأنبا بيشوي مطران دمياط)، ولا تمنح اللائحة لعموم الأقباط الحق في انتخاب البابا، بل لأعيان الأقباط والوزراء السابقين والحاليين والصحفيين (وهو ما يخالف الديموقراطية التي ارستها الكنيسة في اختيار الرعاة )
** سنتحدث لاحقاً بالتفصيل عن اللائحة الحالية

2) تجرى بعد ذلك القرعة الهيكلية بين المراكز الأولى الثلاثة -أعلى الأصوات- بعد صلوات خاصة يتقدم طفل صغير لاختيار ورقة من ثلاث ورقات مكتوب عليها أسماء أصحاب المراكز الأولى في التصويت، والورقة التى يتم سحبها سيكون صاحبها هو البطريرك رقم 118 في تاريخ الكنيسة القبطية.

نتكلم شوية عن القرعة الهيكلية :

اولاً: القرعة الهيكلية هل هي إلزامية يعني هل لازم البابا يجي بالقرعة ولا ممكن بأي طريقة تاني؟ لازم نعرف ان القرعة الهيكيلة تم استخدامها فقط للأتيان ب 11 بطريرك (وهم البابا كيردونيوس الرابع سنة 95 ميلاديه، البابا يؤانس الرابع ال48 ، البابا ميخائيل الثاني ال17، البابا اثانسيوس الثالث ال67، البابا غبريال الثالث ال77 ، البابا يؤانس السادس عشر ال103، البابا بطرس السادس ال104، البابا يؤنس السابع عشر ال105، البابا مرقس الثامن ال 108 ، البابا كيرلس السادس ال116، البابا شنودة الثالث ال117) .. وهذا يعني انها شبه استثناء في الأتيان بالبطاركة. من ايام القديس اثناسيوس الرسول وحتي القرن الثالث عشر كان كل بطريرك يقوم باختيار تلميذه أو يقوم بتلمذة بعض الأشخاص الذين يتولون بعده البطرياركية, مع ظهور القرن الثالث عشر بدأ استخدام القرعة في ايام البابا كيرلس الثالث المعروف بأسم ابن لقلق وكان ذلك أيام ابن العسال الذي قام بجمع قوانين الكنيسة كلها وعمل أبواباً خاصة بها وكان البابا الرابع والخامس من المجموعة الصفوي لابن العسال يتحدث عن كيفية اختيار البطريرك وكيفية استخدام القرعة الهيكلية والتي نصت علي أنه عند تنازع مرشحين أو تنازع انصارهما تجري القرعة الهيكية ويفضل أن يأتي بغيرهم لئلا يأتي مجروح، أما أبن كبر فأكد أن في القرن الرابع عشر في كتابه ايضاح الخدمة علي أن القرعة تتم عند تساوي المرشحين المتساوين والمتماثلين في الفعال.
وطبعاً واضح من الفقرة السابقة ان القرعة كانت استثناء يتم عمله في حالة عدم توافر الظروف الأساسية لأتمام انتخاب البابا مثل التنازع او تساوي اصوات المرشحين المتفق عليهم من جميع الشعب بالأنتخابات.

طيب هل القرعة هي اختيار الله ام اختيار البشر؟ لا اريد ان اجب علي هذا السؤال حتي لا اقحم رأيي الشخصي في الموضوع لأني احاول جاهدة ان التزم الحيادية الكاملة واكتفي بعرض الحقائق. لكن كما فهمت من تفسيرات الأباء الأولين للكتاب المقدس احب اوضح ان الله ترك مطلق الحرية للبشر في اختياراتهم وقدسها, فحاشا لله ان يخالف حرية البشر التي وضعها هو وقدسها لدرجة انه لا يجبر البشر علي اتباع مشيئته الصالحة لهم بسبب احترامه الكامل لحريتهم وقراراتهم واختياراتهم (ولعل ذلك تجلي في ان الله بعد سقوط الأنسان لم يلغي الموت بقرار إلهي لأن هذا يعني إلغاء حرية الأنسان في الأختيار بين الحياة والموت بل دبر التجسد والفداء , بل ان الخلاص لابد ان يحدث بمشاركة الأنسان وحريته كما يعلمنا الأباء الأرثوذوكس مثل اثناسيوس) ..لذلك لأجابة هذا السؤال سأقتبس رأي المتنيح الأنبا غريغوريوس اسقف البحث العلمي في القرعة "كيف نعرف أن الله راضٍ علي الثلاثة المكتوبة أسماؤهم بالورق؟!، فلماذا لا نضع ورقة رابعة بيضاء إذا تم سحبها نعرف أن الثلاثة الموضوعة أسماؤهم غير مرضي عنهم؟!"


والأن يتبقي سؤال منطقي: أليس اختيار متياس الرسول خلفاً ليهوذا كان بالقرعة؟
هل هذا يعني ان القرعة مبدأ كتابي؟ هل يمكن ان تتحدد مشيئة الله في القرعة؟
اجابة هذا السؤال ستستغرق الكثير من الكلام لا اريد ان يجعل القارئ يشعر بالملل ولكن لو تابعنا الكتاب المقدس في اعمال الرسل ص 1 سنجد ان اختيار الرسول متياس كان بالقرعة ولكن بعدما اختار التلاميذ اثنان وهم يوستس ومتياس ويلاحظ ان اختيار متياس بالقرعة كان قبل حلول الروح القدس علي التلاميذ في اليوم الخمسين. ولم يذكر الأنجيل انه تم اختيار اي تلاميذ بالقرعة بعد اختيار متياس بل كان روح الله يختار مباشرة كما في اعمال 13 :2 حيث طلب الرب صراحة "افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" .. وكانت هناك بعض الوظائف يتم اختيارها بالأنتخاب المباشر لأﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻥ ﺃﺭﺳﻰ ﺍﻟﻧﻅﺎﻡ ﺍﻟﺩﻳﻣﻘﺭﺍﻁﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺗﺎﺭﻳﺦ ﻫﻲ ﺍﻟﻛﻧﻳﺳﺔ ﺍﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻓﺟﻣﺎﻋﺔ ﺍﻟﺗﻼﻣﻳﺫ ﻫﻡ ﺃﻭﻝ ﻣﻥ ﺍﺳﺗﺧﺩﻣﻭﺍ ﻧﻅﺎﻡ ﺍﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ. .
ﻓﻌﻧﺩ ﻣﺎ ﻁﻠﺏ ﺍﻟﺷﻌﺏ ﺍﺧﺗﻳﺎﺭ ﻣﻧﺩﻭﺑﻳﻥ ﻟﻠﺧﺩﻣﺔ،
 "ﻓﺩﻋﺎ ﺍﻻﺛﻧﺎ ﻋﺷﺭ ﺟﻣﻬﻭﺭ ﺍﻟﺗﻼﻣﻳﺫ ﻭﻗﺎﻟﻭﺍ .. ﻓﺎﻧﺗﺧﺑﻭﺍ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻹﺧﻭﺓ ﺳﺑﻌﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻧﻛﻡ مشهوداً لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم علي هذه الحاجة " (ﺃﻉ 3-2 :6) 
ﻭﻣﻧﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻓﻧﻅﺎﻡ ﺍﻻﻧﺗﺧﺎﺏ ﻫﻭ ﺍﻟﻧﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺳﻣﻲ ﻻﺧﺗﻳﺎﺭ ﻛﻝ ﺍﻟﺧﺩﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻣﺳﺗﻭﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻛﻧﻳﺳﺔ ﺍﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ ﻭﺫﻟﻙ ﻣﺎ ﺗﻘﺭﻩ ﻛﻝ ﺍﻟﻘﻭﺍﻧﻳﻥ ﺍﻟﻛﻧﺳﻳﺔ ﻣﻧﺫ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻣﻳﻼﺩﻱ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﻣﻭﺟﻭﺩﺓ ﺑﻳﻥ ﺃﻳﺩﻳﻧﺎ ﺍﻟﻳﻭﻡ. ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻳﻭﺟﺩ ﺃﻱ ﺃﺛﺭ ﺃﻭ ﺫﻛﺭ ﻟﻧﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﻋﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻣﻥ ﻗﻭﺍﻧﻳﻥ ﺍﻟﺭﺳﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻣﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻣﺳﻛﻭﻧﻳﺔ...اي ان الله يوضح مشيئته بلا حاجة للقرعة وألا كان وضعها لنا دستورنا في حياتنا وفي جميع اختياراتنا وهو لم يحدث.

من مناقشاتي اكتشفت ان فيه مؤمنين فاهمين ان الله ممكن يجيبلنا بطريرك فاسد او شرير او مخالف حتي "يؤدب" الكنيسة وده يدفعنا لبحث النقطة دي وتوضيحها لأنها هامة جداً وتمس معرفتنا بالله!

اذن هل الله يمكن ان يؤتينا ببطريرك فاسد حتي يعاقبنا؟ الأجابة وبكل وضوح هي حاشا لله.. فبحسب تعاليم آباءنا الشرقيين الأرثوذوكس حاشا لله ان يأتي لنا بالشر فأن الله يحزن ويتألم لالامنا فكيف يؤلمنا هو بتدبيره وارادته؟!وكما يعلمنا الوحي الألهي " في رسالة يعقوب الرسول ص1 " 13 لا يقل احد اذا جرب اني اجرب من قبل الله.لان الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب احدا. 14 ولكن كل واحد يجرب اذا انجذب وانخدع من شهوته. 15 ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية والخطية اذا كملت تنتج موتا. 16 لا تضلوا يا اخوتي الاحباء. 17 كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند ابي الانوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران"..القديس يوحنا كاسيان يعلمنا ان مجرد تفكيرنا بأن الله يغضب او يسخط هو تجديف شنيع علي اسم الله الحسن فكيف نفكر ان الله يأتي بشر للبشر؟!!!
ارادة الله للخليقة تسير في اتجاه واحد فقط وهو من العدم إلي الوجود ومن الشر إلي البر والمجد والصلاح وحاشا ان تسير في الأتجاه المعاكس لكن ارادة البشر هي التي تختار اي من الأتجاهين.
لكن يجب ان نعرف ان الله يؤدب ولا يعاقب.. والتأديب لا يعني الألم ولا يعني ايقاع اي اذي علي الذي يتأدب.. فأن كلمة "التأديب" تعني تعليم فن الحياة الأفضل ولا يمكن القول بأن التأديب يجب ان يكون مصحوباً بالألم بأي حال من الأحوال.
ولازم نعرف ان لا يجوز ان نختار اختيار عكس ارادة الله في القداسة والخلاص ومعرفة الحق ثم نقول ان هذا الأختيار هو من الله لأنه تجديف شنيع علي ارادة الله الصالحة المحيية.
يعني م الأخر:لن يعطنا الله بطريركاً فاسدأ او مخالفاً لأن هذا ضد ارادته وضد شخصه ولن يعطينا الله البطريرك المنتخب منه وبحسب قلبه ما لم نريد نحن هذا البطريرك, لأن الله يحترم اختيارنا وارادتنا إلي المنتهي.
** يمكن مراجعة مقالات القديس اثناسيوس الرسولي في شرح سر التجسد ومقالات القديس يوحنا كاسيان في تفسير المقصود من غضب الله وتأديبه.



طيب ما هي ابرز  مهام البطريرك؟
 هو رئيس المجمع المقدس ومسئول عن انعقاده, يعمل علي حفظ الدين وقتل البدع والحكم بالعدل, ونشر الأيمان والكرازة,  وصناعة الميرون ... للمزيد تابع هنا http://www.copts-united.com/Arabic2011/Article.php?I=1280&A=59290

نظراً لأن الموضوع اكبر مما كنت اتخيل. وجدت صعوبة اختصاره في جزئين فأستأذنكم ان نكمل الموضوع في جزءاً ثالثاً. انتهي الجزء الثاني..

لا تنسوا رابط الجزء الأول:

http://mella5er.blogspot.com/2012/09/blog-post.html

للمزيد من البحث والدراسة اقرأ :
الشعب يريد اسقفاً لمدينته http://copts-united.com/Arabic2011/PrintPage.php?A=59682


مجموعة كتب ومراجع هامة خاصة بالموضوع  http://beforeitsnews.com/christian-news/2012/09/%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%88-%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-2450028.html


اخيراً لو حد عنده اي اسئلة في الموضوع استأذنكم بوضعها كتعليق علي التدوينة دي وانا سأبحث وسأجيب علي جميع الأسئلة في الجزء القادم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من فضلك لو التدوينة دي اضافة ليك معلومة لا تتردد في نشرها حتي يعلم الجميع, مجاناً اخذتم مجاناً اعطوا..


في الجزء الثالث:
من هم الناخبين وماهي شروط اختيارهم؟
اللائحة المستخدمة ونظرة من قريب.
بعض القصص من تاريخ البطاركة.
بيانات هامة لشعب الكنيسة والأساقفة قبل اختيار البابا 118.
موقف الأسقف العام من ترشيح الأساقفة للمنصب.
اجابة لبعض الأسئلة الموجودة في الجزء الأول من المدونة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق