الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

المختصر المفيد في شرح اختيار البطريرك الجديد (الجزء الأول)



بعد مجموعة من المناقشات التي استغرقت حوالي 6 شهور مع مجموعات كتير من الناس علي مواقع التواصل وفي المقابلات, بخصوص اختيار البابا ال118 للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية وبخصوص اللائحة المستخدمة وقوانين التنصيب وخطواته.والوضع بصفة عامة للكنيسة في هذه الأيام , خرجت بمجموعة افكار وحقائق اكتشفت انها غائبة عننا او عن معظمنا. اخذت شهور ابحث واقرأ في قوانين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتاريخها,  وقررت كتابة هذه التدوينة بسبب غيرتي علي كنيستي الأرثوذوكسية الغالية اولاً واخيراً, ورغبة مني لتوضيح حقائق كثيرة غائبة وسط مفاهيم مغلوطة. ولأني  اخاف ان ينطبق علينا كلمة الكتاب المقدس" هلك شعبي من عدم المعرفة".. اتمني ان التدوينة تفتح باب معرفة لكل شخص يقرأها. وهدفنا الأول والأخير هو مجد اسم ربنا وإلهنا ومعرفة الحق التي تحرر "وتعرفون الحق والحق يحرركم"

*استأذنكم في استخدام اسلوب الكلام العامي في تبسيط وشرح الفقرات.

اولاً لازم نعرف حقيقة مهمة عن الكنيسة الأرثوذوكسية هتسهل فهم معظم الأمور وتفسيرها في ضوء صفات كنيستنا وهي ان الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية هي كنيسة تقليدية...
يعني ايه كلمة "تقليدية"؟؟  يعني انها كنيسة ملتزمة بالتقليد اللي سلمه السيد المسيح لتلاميذه واستمر التلاميذ يسلموه لبعضهم حتي وصل إلينا. والتقليد والتسليم مهم جداً لأنه لولاه لتعددت مدارس التفسير إلى الدرجة التي تنشأ بسببها الهرطقات والبدع الخطيرة بسبب الاجتهاد الشخصي في التفسير، وتدخّل العوامل النفسية والشخصية في توجيه معنى الآيات يعني هيبقي كل شخص بيفسر الكتاب المقدس كما يحلو له وبدون اي قواعد او قوانين للتفسير وده هيفتح الباب امام فهم مغلوط للكتاب وانحراف في التفسير يؤدي للبدع والهرطقات .

وزي ما بولس الرسول وضح التقليد في رسالته "فاثبتوا إذًا أيها الإخوة وتمسكوا بالتعاليم (التقليدات) التي تعلمتموها، سواء كان بالكلام أم برسالتنا" (2تس2: 15).

وتاني حقيقة هامة هي ان كنيستنا الأرثوذوكسية هي كنيسة مجمعية وليست كنيسة بابوية..
طيب يعني ايه الكلام ده ؟؟ يعني ان أن الكنيسة منذ البداية لا تعتمد أي فكر، أو تفسير، أو اتجاه إلا عن طريق مجمع مقدس وهواجتماع رعاة ومعلمي الكنيسة من جميع جهات المسكونة "العالم"، لمناقشة أمر يخص الإيمان المسيحي، بهدف حفظ النظام وسلامة العقيدة بين المسيحيين في شتى أنحاء العالم. ويقترب هذا المصطلح من تعبير "مؤتمر دولي"، ولكنه لا يخص الدول، بل الكنائس المسيحية في البلدان المختلفة.
فلو كان الأمر متروكًا لشخص واحد فقط (البابا مثلًا في أي عصر)، لكانت شبهة الانحراف والتزييف والتغيير ورادة، لأننا لا نؤمن بعصمة الأفراد. ولكن الذي يحكم التعليم في الكنيسة ليسوا أفرادًا بل المجمع المقدس. يعني لا يوجد اي شخص حتي لو كان البابا له سلطان انه يغير في الأيمان او القوانين او القواعد بمفرده لكن يجب اجتماع ممثلين من جميع الكنائس في العالم لبحث الأمور الأيمانية ووضع او حذف اي قوانين.. وطبعاً من خصائص كنيستنا هي انه لا يجوز التغيير في قوانين اي مجمع من المجامع السابقة وتعتبر قوانينها نافذه ويجب الأعتراف بها.

للمزيد عن صفات الكنيسة الأرثوذوكسية اضغط هنا 


بعد المقدمة دي قدرنا نفهم ان كنيستنا هي كنيسة تسليم تناقلناه من المسيح شخصياً عبر العصور من خلال الأباء والمجامع المسكونية المقدسة وقدرنا نعرف انه لا احد يستطيع ان يغير شيئ في قوانين الكنيسة اياً كان وظيفته ايه حتي لو البابا شخصياً



ندخل في موضوعنا... طبعاً لأن كنيستنا تقليدية اذاً فأختيار البابا بيتم عن طريق التسليم اللي استلمناه من الأباء في صورة قوانين الكنيسة والمجامع..معايير اختيار البابا تم وضعها في مجمع نيقية

اولاً: لازم نشوف تعريف مجمع نيقية للقب "بطريرك الكرازة المرقسية" و ده هنلاقيه في القانون الخامس للمجمع وعرف فيه البطريرك بأنه هو اسقف مدينة الأسكندرية.

CANON 5
LET the ancient customs in Egypt, Libya and Pentapolis prevail, that the Bishop of Alexandria have jurisdiction in all these, since the like is customary for the Bishop of Rome also. Likewise in Antioch and the other provinces, let the Churches retain their privileges. And this is to be universally understood, that if any one be made bishop without the consent of the Metropolitan, the great Synod has declared that such a man ought not to be a bishop. If, however, two or three bishops shall from natural love of contradiction, oppose the common suffrage of the rest, it being reasonable and in accordance with the ecclesiastical law, then let the choice of the majority prevail. (N. & PN.F., 2nd Series, Volume 14, pp. 72)


ونلاحظ ان القانون الخامس عشر نص علي منع نقل اسقف من ابروشيته إلي ابروشية اخري حتي نياحته

CANON 15
ON account of the great disturbance and discords that occur, it is decreed that the custom prevailing in certain places contrary to the Canon, must wholly be done away; so that neither bishop, presbyter, nor deacon shall pass from city to city. And if any one, after this decree of the holy and great Synod, shall attempt any such thing, or continue in any such course, his proceedings shall be utterly void, and he shall be restored to the Church for which he was ordained bishop or presbyter. (N. & PN.F., 2nd Series, Volume 14, pp. 108)


ومن هذين القانونين يتضح لنا ان البابا هو اسقف مدينة الأسكندرية ولا يصح نقل اي اسقف من ابروشيته لأخري وده معناه انه لا يجوز ترشيح اساقفة الأبروشيات لمنصب البابا (اسقف الأسكندرية) لأنه ده يعتبر نقلهم من ابروشية لأبروشية اخري بالمخالفة الصريحة للقانون.

طيب ده يجرنا لسؤال مهم: هل يجوز ان الأسقف يجمع بين ابروشيتين يعني يبقي مثلاُ اسقف اسيوط والأسكندرية في نفس الوقت؟؟ وهل ممكن الأسقف نرسمه مرة علي اسيوط والمرة اللي بعدها علي اسكندرية يعني نعيد رسامته علي ابروشية اخري؟؟

قوانين الكنيسة اجابت اجابة صريحة ب" لا يجوز"

فالأسقف يعتبر كزوج لأسقفيته ولا يجوز له بأي حال أن يجمع ما بين أسقفيتين وإلا يعتبر كمن تزوج امرأتين معا.

إن قوانين الكنيسة تمنع إعادة وضع اليد مرة ثانية على الاسقف المرسوم. وقد نص على ذلك قانون 68 من كتاب المراسيم الرسولية (الذي كتب في أواخر القرن الأول الميلادي وهو المصدر للدسقولية) فينص على، "إن أي أسقف أو قس أو شماس ينال الشرطونية ثانية من أحد يقطع هو والذي شرطنه." والقانون رقم 35؛ والقانون 57 من قوانين مجمع قرطاجنة لا يسمحان بإعادة الشرطونية أو نقل الأساقفة أو أن يتولى أسقف واحد أسقفيتين.

يعني م الأخر: لا يجوز ترشيح اسقف ابروشية لمنصب البابا لأنه مخالفة صريحة لقوانين مجمع نيقية وقوانين المراسيم الرسولية.


للمزيد عن الموضوعات السابقة يمكن مراجعة:
http://www.coptictruth.com/books/sun1957Feb.pdf


دلوقتي يتبقي السؤال المهم: كيف يتم اختيار البطريرك ومن له حق انتخابه؟

قانون رقم 36 من تعاليم الرسل ينص على، "فليقم الأسقف بتخيير الشعب كله إياه كمشيئة الروح القدس". وبعد أن يذكر الشروط الواجبة في المرشح للأسقفية يعيد النص تأكيدا على ضرورة معرفة رأي الشعب كله في المرشح فيقول "ويقام في يوم الأحد وكل الناس متفقون على إقامته. وكل الشعب والكهنة يشهدون له". وهذا النص يقوم على أساس الكتاب المقدس نفسه. فالكتاب المقدس هو أول من أرسى الفكر الديموقراطي ونظام الانتخابات في التاريخ. فعندما أراد الرسل اختيار أول مجموعة من الشمامسة، طلبوا من الشعب أن ينتخب سبعة أفراد من الشعب دون أي تدخل من الرسل، "انتخبوا أيها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوئين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة" (اع 3:6). فالانتخابات الحرة هو نظام أول من أرساه هو الكنيسة الأولى.

يلاحظ أيضا دور الروح القدس في الاختيار، فرأي( الشعب*) المجتمع يعرض مشيئة الروح القدس، بحسب قول الكتاب، "وأقول لكم أيضا إن اتفق اثنان منكم على الأرض في أي شيء يطلبانه فانه يكون لهما من قبل أبي الذي في السماوات. لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم." (مت 18: 19-20) فاجتماع الشعب واتفاقه في الرأي يعني حضور الله في الوسط ولذلك فإن الرأي الواحد للمجتمعين هو مشورة الروح القدس.وبذلك فإن احتقار رأي الشعب وإهماله هو اهمال لمشورة الروح القدس، فاختيار الشعب للبابا هو أمر ضروري لابد منه، فإذا لم يختار الشعب البابا، فإن البطريرك المعين لا يكون هو المختار من الله، بل هو مختار من الحاكم أو من قوى التسلط الشريرة. هذا البطريرك يقيم نفسه على الكنيسة بدلا من الله. لذلك فهو يستبدل محبة المسيح بالإرهاب والتخويف والقمع ليفرض سلطانه الشخصي بدلا من ملكوت الله ومشيئته.

(* ما هو المقصود بكل الشعب؟ من هم الشعب؟ الشعب هم شعب الإبراشية التي يقام عليها الأسقف. وفي حالة البطريرك فهو أسقف المدينة العظمى الإسكندرية. وبما أن أسقفية القاهرة قد أضيفت للبابا بعد نقل المقر البابوي إليها فإن كل من الشعب القبطي في الإسكندرية والقاهرة مسئول عن اختيار أسقف الإسكندرية. وقد يشارك شخصيات رمزية من باقي إبراشيات الكرازة المرقسية في الانتخاب باعتبار أن الأسقف المنتخب هو متقدم لأساقفة الكرازة)

من الفقرة اللي فاتت يتضح ان اختيار الأسقف هو من حق الشعب وان المسيحية هي من ارست مبدأ "من حق الشعب ان يختار راعية بديموقراطية وشفافية" يعني لا يجوز ان يختار الروح القدس شخصاً لا يوافق عليه الشعب

للمزيد اقرأ:
البطريرك الذي نرجوه: http://www.coptictruth.com/books/sun1957Jan.pdf 

بحث للأستاذ يسي عبد المسيح ومراجعة نظير جيد حول عدم قانونية اختيار البطريرك من الأساقفة  http://www.coptictruth.com/articles/pope-e/TR-PE-Yassa.pdf 

نظراً لأن الموضوع طويل اضطررت لتجزئته حتي لا يمل القارئ. انتهي الجزء الأول..

في الجزء الثاني:
هل البطريرك اختيار إلهي بحت؟
ماهي مراحل اختيار البطريرك؟
من هم الناخبين وشروط اختيارهم؟
هل الله يمكن ان يأتي لنا ببطريرك فاسد حتي يؤدبنا؟
القرعة الهيكلية وظروف استخدامها وهل هي الزامية؟
ما هي مهام البطريرك؟
اللائحة الحالية  (ظروف اقرارها- اخطائها)


رابط الجزء الثاني :
http://mella5er.blogspot.com/2012/09/blog-post_28.html

هناك 11 تعليقًا:

  1. اول حاجه مجهود رائع ... وانك تدوري وتقري دا في حد ذاته عمل ايجابي جدا


    مش نوافقك في ان الشعب كله هو اللي ينتخب ... طالما ماشيه بالتقليد يبقى تجيبي مثل صح .... يعني لما تجيبي مثل علي اختيار البطريرك متطبقيهوش علي مثل لاختيار الشمامسه .... يعني في حاله متياس مش الشعب كله اختار .... الرسل (السبعين يعني مش الاساقفه بس ولا شعب بس مزيج بين الاتنين) وصلوا لشخصين بعد كده عملوا قرعه هيكليه

    ثانيا في حاله الشعب كله يجتمع الله يكون في وسطهم دا في حاله كلهم مجتمعين باسمه .... يعني مفيش مصالح ولا حاجات من تحت لتحت

    لكن موافقك جدا في حته مينفعش اسقف او مطران ابراشيه ويبقى بطرك

    ردحذف
  2. خليني اكمل الجزء الثاني هيبقي فيه ردود علي اسئلتك القيمة :)
    شكراً علي ملاحظتك

    ردحذف
  3. ممكن اسأل سؤال:
    اللى فهمتة من حضرتك انة ماينفعش اسقف يغير ايبراشيتة؟ يعنى لو اترسم على مثلا البحيرة يفضل طول عمرة البحيرة؟ بس فية اعتقد ظروف تخلى من حق البابا ان يقوم بنقل الاساقفة حسب الاحتياج فارجو التوضيح.
    حاجة تانية بالنسبة للاساقفة العامة مثلا الانبا موسى اسقف الشباب او الانبا بطرس او الانبا يؤانس او.....، هل يجوز ترشحهم؟ شكرا

    ردحذف